موقع متخصص بالشأن التربوي اللبناني

الوزارة تتراجع… وشاهين تعود

الأحد 1 حزيران 2025

بهدوءٍ يشبه العاصفة، وبعد ثلاث سنوات من الإقصاء والتجاهل، عادت نسرين شاهين إلى موقعها الطبيعي كمدرّسة في التعليم الرسمي، لا عبر باب المجاملة أو التسوية، بل بقرار قضائي انتزع من الإدراج بعد مماطلة طويلة. هذه العودة لم تكن حدثاً عابراً، بل فصلٌ جديد في معركةٍ تخوضها شاهين منذ سنوات ضد ممارسات استنسابية اعتادها القطاع التربوي، وضد محاولات إسكات الأصوات المتمردة على أعراف الولاء والترضية.

شاهين، الأستاذة الجامعية والناشطة النقابية التي قادت تحركات المتعاقدين من الشارع إلى القضاء، سُجّل اسمها كأحد رموز النضال التربوي، بعد أن واجهت وزيراً قرر أن يجعل من خصومته معها مسألة شخصية. بين طردٍ “مدروس” وتجاهلٍ متعمّد لحكم قضائي واضح، وجدت شاهين نفسها في مواجهة مع وزير هو نفسه قاضٍ، رفض تنفيذ حكم صادر عن مجلس شورى الدولة، وفضّل مطاردتها بدعاوى القدح والذم بدل الالتفات إلى مضمون تحركاتها.

لكن تبدّل الوجوه في الوزارة لم يكن كافياً لتبديل الأداء. فعهد الوزيرة ريما كرامي بدأ بوعود فتح الملفات، لينزلق سريعاً نحو بيروقراطية مثقلة بالتردد. فبعد أن أعادت شاهين إلى عملها امتثالاً لقرار القضاء، عادت وتعثرت خطواتها في ملف المساعدة الاجتماعية للمتعاقدين، الذين تعاقدوا على أمل الحصول على بدل مادي صيفي، قبل أن تُفاجئهم الوزارة ببيان بارد يعلن أن الملف “قيد الدراسة”.

الرابطة التي تقودها شاهين تواصل ضغطها، والاعتصامات ما زالت قائمة، والمطالب تتراوح بين تثبيت المتعاقدين والتفرغ الوظيفي، بينما الوزارة تنأى بنفسها خلف حجج مالية وإدارية. بين من يراها نداً صلباً لفساد مزمن، ومن يتهمها برفع سقف المطالب في زمن الإفلاس، تبقى نسرين شاهين نقطة تقاطع حادة بين ما تبقى من كرامة في التعليم الرسمي، وما تهدده مناهج المحسوبيات والتمييع.

في لبنان، حيث كل شيء قابل للتسوية، بدا أن معركة شاهين كسرت النمط. لم تُمنح شيئاً، بل انتزعته. وما يريده كثيرون اليوم، ألا تكون هذه العودة مجرد انتصار شخصي، بل بداية لمسار يعيد الاعتبار إلى الحقوق المغبونة في واحدة من أكثر ساحات الدولة هشاشة: التعليم الرسمي.