موقع متخصص بالشأن التربوي اللبناني

القطاع التربوي في لبنان يلفظ أنفاسه الأخيرة

الخميس 23 آذار 2023

مع انفجار الأزمة الاقتصادية عام 2019، بدأت تنهال المصائب على الشعب اللبناني الواحدة تلو الأخرى، على كافة الصعد الاجتماعية، التربوية، السياسية، والمالية. وكان للقطاع التربوي نصيبا من التدهور الذي لحق بالمؤسسات، اذ تأثر على الصعد المالية من جهة، وأزمة “كورونا” التي فتكت بالعالم، ضاعفت من حجم الضغوط والأعباء التي يتحملها الأساتذة، الذين لهم تاريخ حافل من النضال في وجه السلطة، للمطالبة بحقوقهم التي لم يضعها المسؤولون يوما في سلم أولوياتهم، بالرغم من أهمية هذا القطاع المسؤول عن تخريج أجيال وبناء مجتمع فعال قادر على النهوض بالبلد بعد كل هذا الدمار والخراب الذي نشهده.

تراجع التعليم الرسمي مؤخرا في لبنان بشكل ملحوظ، الأمر الذي أدى الى تزايد عدد الطلاب في المدارس الخاصة، الذين يشكلون 75% من مجمل الطلاب. ومع ارتفاع سعر صرف الدولار الذي تخطى اليوم عتبة الـ100 ألف ليرة لبنانية، بات طلاب المدارس الخاصة مهددون أيضا، لعدم قدرة بعض الأهل على تغطية التكاليف التعليمية الباهظة، وعدم مراعاة أصحاب المدارس للأوضاع المعيشية الصعبة للأهل، حيث طغى الجشع على نفوس البعض منهم،الأمر الذي قد يؤدي الى فقدان بعض الطلاب فرص التعليم.

لم تتمكن الحكومة على الرغم من اجتماعاتها المتكررة من إيجاد حل للأزمة الحاصلة، اذ مر حوالي الشهرين ونصف على الاضراب المفتوح الذي أعلنه الأساتذة، للمطالبة بدفع مستحقاتهم، ورفع رواتبهم الذي لا يكفي كلفة الانتقال للمدرسة، ما يشكل تهديدا جديا بنسف العام الدراسي، واضعاف الشهادة الرسمية، وإعلان دمار قطاع بأكمله. فالأزمة متشعبة وهي نتيجة تراكم سنوات من الإهمال، فمثلا يعاني المتعاقدون كلما أضرب الذين بالملاك فيخسرون ساعاتهم، بالإضافة لسجل الأساتذة الحافل مع وعود الوزارة وفقدان الثقة، والدولة عاجزة عن تأمين السيولة بحكم أنها شبه مفلسة. وقد طالب الأساتذة بأدنى حقوقهم لضمان استمراريتهم، منها رفع قيمة تغطية الاستشفاء، ورفع بدل النقل، واعتماد منصة صيرفة خاصة بالقطاع العام، الى حين تصحيح الرواتب والأجور وانصاف المتعاقدين.

وبالرغم من اعلان وزير التربية عباس الحلبي وتأكيده على اجراء الامتحانات الرسمية، الا أن هناك علامات استفهام تطرح نفسها حول إمكانية اجراء الامتحانات، في ظل عدم وجود تكافؤ بين طلاب الرسمي والخاص. وان اعتماد أسلوب العام الماضي بتقليص المناهج، واجراء الامتحانات بمواد اختيارية ممكن، لكنه يشكل مؤشرا خطيرا لمستوى التعليم في لبنان، حيث نال العديد من الطلاب درجات التفوق.

البنك الدولي لن يقدم أي مساعدات للبنان قبل تحقيق الإصلاحات، والرهان على المساعدات الخارجية بغية انتشال لبنان من الأزمة سقط، بفعل قلة مسؤولية ساسة لبنان، الذين لا يملكون شيئا لتقديمه سوى الوعود الفارغة، بالرغم من كونهم المسؤول الأول عما وصلت اليه البلاد من تدهور. فالاقتراح الذي قدمه وزير التربية عباس الحلبي لدفع 5$ مقابل كل يوم تعليم بغية تحسين الإنتاجية، عاد وسحبه، ما استدعى استغراب الروابط بالرغم من اعتبارها أن الاقتراح ليس سوى حبر على ورق.

إذا مصير العام الدراسي في لبنان مجهول في ظل عدم وجود خطة واضحة للخروج من الأزمة، والعام الدراسي لم يبق منه سوى شهرين، ما دفع العديد من الأساتذة اليوم بالتفكير بالهجرة لتحسين ظروف الحياة، وقد سبقه على هذه الخطوة الأطباء، اذ كشف نقيب الأطباء في لبنان عن مغادرة نحو 3500 طبيب، أي ما يقارب 30% من الجسم الطبي. وتبقى التساؤلات تطرح نفسها، فهل ستأتي الحكومة بحل جدي جذري للأزمة؟ أم الباب مفتوح نحو الغاء العام الدراسي؟