تشكلت العلاقات بين الأشخاص منذ بداية البشرية ضمن سياق الحب، تفاعلات العمل المعتادة، التضامن والمؤثرات الاجتماعية والثقافية، وهي جزء أساسي لا يتجزّأ من طبيعة الحياة البشرية المبنية على التفاعل.
والتعليم نوع من أنواع العلاقات الذي يمتع بشأن غير كل الذي سبق، من ناحية الروابط التي يشكلها بين المرسل والمتلقي “المعلم والمتعلم”. وتكمن أهمية هذه العلاقة في كونها مبنية على قوام الحب والاحترام والإخلاص والمودة، ذلك لأن الأستاذ يكون بمثابة الأب الروحي للطالب، يعطيه اغلى ما يملك من معرفة وحكمة وتربية، ويتمنى له الخير، والتلميذ في مقام الولد المطيع، سمته البر والإجلال والتوقير لمعلمه وأستاذه، الذي يرى فيه أسباب صلاحه وفلاحه، فيخضع له بالأدب وحسن الخلق طلبا للعلم النافع والأدب الرفيع.
تعد العلاقة الجيدة بين الطالب ومعلمه احد عوامل النجاح في العملية التربوية، وتحقيق الأهداف المرجوة منها، اذ ان هذه العلاقة الجيدة، تسهم بشكل كبير في تحسين سلوك الطلاب مع اقرانه، وتدفعه لبذل جهد اكبر في تحصيله الدراسي، وتشجع الطلاب على المشاركة، وتؤدي الى انشاء جيل متمكن فعال في المجتمع.
وقد أثبتت بعض الدراسات التربوية أن العلاقات الإنسانية الجيدة بين المعلم والمتعلم، تنمي لديهم الكثير من الآداب والسلوكيات الحسنة، وكلما شعر الطالب بأن المعلم يرعاه ويساعده في حل مشاكله، كلما كان تقبل الطالب أسهل، ويصبح أكثر رغبة في المشاركة والتعلم، والعكس صحيح.
تعتبر العلاقة بين المعلم والمتعلم أيضاً أداة هامة لنقل المعرفة، وتوجيه الطلاب إلى النجاح الأكاديمي. يعتمد ذلك على قدرة المعلم على التواصل والتفاعل مع الطلاب، وفهم احتياجاتهم ومتطلباتهم الأكاديمية. يتيح ذلك للمعلم فرصة تحفيز الطلاب وإلهامهم وتشجيعهم على الاستمرار في مسيرة التعلم. بالإضافة إلى ذلك فإن العلاقة الجيدة بين المعلم والمتعلم، تساعد على تحسين السلوك والتفاعل الاجتماعي للطلاب، وزيادة الثقة بالنفس، وتعزيز القيم والمبادئ الأخلاقية لدى الطلاب.
ويرى الأستاذ جوزيف عقيقي مدرس مادة اللغة العربية، أن العلاقة بين الأستاذ والتلميذ تغيرت عما كانت عليه في الماضي، والأسلوب القاسي أو التقليدي لم يعد ينفع مع الجيل الحالي وبات يقابل بالرفض، ويحتاج الأستاذ الى اعتماد أسلوب لين في إيصال المعلومة والتقرب أكثر من الطلاب، الى حد اكتسابهم كأصدقاء، مما يسهل عملية التعامل معهم، خاصة أن هذا الجيل منفتح ومعاصر للتكنولوجيا والتقدم، ولا يتقبل أي محاولة لاستخدام أسلوب قاسي معه لو حتى من باب المعاقبة.
إذاً العلاقة بين المعلم والمتعلم هي علاقة طويلة الأمد، ويجب حفظ المكانة العظيمة للمعلِّم، وأن تكون له مكانة الأب بالنسبة للطالب، ممَّا يحقق فوائد عظيمة للعملية التعليميَّة برمَّتها. ووجود جوّ مدرسي وبيئة مدرسية، من مرافق وساحات وغرف صفيّة ومكتبة مدرسيَّة وغير ذلك، تُتَرجَمُ من خلالها وتنمَّي هذه العلاقة على ركائز من العلم والمعرفة، والمصلحة التعليميّة مع أهمية احتفاظ المعلم بقيمته العليا كحامل لرسالة العلم.